الرئيسية | ثقافة وفنون

الانتاجات السينمائية بين رغبات الوزير بنسعيد وتطلعات مغرب 2030!

نشر في 9 مايو 2025 - 11:56

الرباط اليوم.

خلال شهر دجنبر من سنة 2023، وفي حوار مع إحدى الإذاعات المغربية الخاصة، بشر محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، بمشاريع ثقافية ومسرحية لجذب الزوار وأيضا مشاريع سينمائية طموحة تخاطب المغاربة والعالم.

من أبرز هذه الخطط طرح بنسعيد مشروع جاهز لتصوير سينمائي بقصص تاريخية ملحمية مغربية، أهمها إنتاج فني يعيد ملحمة معركة وادي المخازن في موقعها الأصلي بمنطقة العرائش شمال المغرب، إلى الأذهان ويببز قيم وقوة الشخصية المغربية. وخلال هذا اللقاء الذي تابعه المغاربة بشكل مباشر وغطته عدد من المنابر الصحفية المغربية، نظرا لأهميته، حدد الوزير بنسعيد صيف 2024 لإنجاز هذا العمل التاريخي. غير أننا ولحد الساعة، لم نسمع عن أي خطوات لانجاز العمل ولا عن أي تصوير دار في منطقة العرائش ولا أي شيء من هذا القبيل!

في المقابل، سمعنا عن طموح المهدي بنسعيد وهو يتحدث شخصيا للصحافة المغربية، عن امتلاك اسهم في شركة “نيو” لصناعة السيارات الكهربائية، التي قال أنه أسسها رفقة صديق له سنة 2017. للمفارقة أن شركته هاته، لم تنتج أي سيارة إلا بعد توليه منصب وزير في حكومة عزيز اخنوش! فقد قدم شريكه السيارة للملك محمد السادس بتاريخ 15 ماي 2023، وقيل عنها، حينها، كلام كثير حول فرضية استفادتها من أموال من الدولة في إطار دعم جهود التصنيع، وكذب بنسعيد كل تلك الفرضيات دون تقديم وثائق تعزز الشفافية.

تناولنا هاتين “الحكايتين” عن السيد وزير الثقافة بنسعيد، لبنبرز حجم الفوارق، بين التدبير العمومي لثروة المغرب الثقافية والتاريخية، وبين تدبير الثروة الشخصية والطموح الذاتي، فيا ليتهما يتطابقان عند كل مسؤول تأتمنه الدولة على مصير قطاعاتها العمومية!

عندما ندقق النظر في فترة تولي الوزير بنسعيد كعضو في حكومة رجل الأعمال عزيز أخنوش، منذ تحمله أمانة مهام واختصاصات تدعيم التطلعات الثقافية للمغاربة، لا نجد الشيء الكثير من الانجازات، بل نجد انتقادات من المهنيين حول وجود اختلالات كثيرة، وحول ما سموه تدبيرا عشوائيا، غير مؤسس على خطة واضحة أو على خط تحريري قوي، يبرز تنوع مكونات الشخصية المغربية التي تبهر العالم اليوم، وتوضح حجم مساهمات الحضارة المغربية الامبراطوريى في الثرات الإنساني العالمي. فهي حضارة تجدها في كل صفحات تاريخ العالم، ونكتفي هنا بما قدمه ابن بطوطة والحسن بن محمد الوزان ليون إفريقيا في وصف الامصار والعالم، حتى صارت كتبهم مراجع في أهم صفحات كتب التاريخ العالمي.

هو موروث أسسه الاجداد والأحفاد، منذ ما قبل يوبا الثاني الأمازيغي، إلى الدولة العلوية، مرورا بالأدارسة والمرابطين والمرينيين والوطاسيين والسعديين وابن بطوطة ويوسف بن تاشفين وأحمد المنصور الذهبي، ومولاي اسماعيل وسيدي محمد بن عبد الله، وغيرهم كثير جدا. وللغرابة لا نجد هذا الثرات الثقافي والاجتماعي، أثرا في الدعم الذي يقدمه المركز السينمائي المغربي المصنف تحت وصاية الوزير بنسعيد.

وعندما نحاول المقارنة مع دول أجنبية عربية وغربية، لا شك أننا سنلاحظ أنها تشتغل ضمن مشروع ثقافي موحد، يهدف إلى النهوض بالثقافة والتراث وتقديمه للأجيال الشابة للتمسك بالهوية، وللأجانب لجذب اهتمامهم، إلى جانب بناء مشاريع سينمائية تجوب العالم، ببعد ثقافي وأيضا ببعد اقتصادي. نماذج نجاح كثيرة أمامنا، ولعل من أبرزها مصر وتركيا، حتى لا نذهب إلى النماذج الغربية الأوروبية والأمريكية الضخمة، التي وحدت العالم حول شاشة واحدة وحول فيلم واحد مرات عديدة.

ما نسمعه عن تدبير غير حكيم لموارد الدولة في دعم مشاريع سينمائية، بطريقة غير مؤسسة على مشروع وطني لتشجيع الانتاجات الوطنية المنبعثة من التاريخ والهوية المغربية، ونسمعه من مقربين من عالم الانتاج والتواصل والسينما، يقودنا حتما إلى خلاصة مؤسفة، وهي أنه لا يوجد أي تصور لوزارة الثقافة خلال السنوات الماضية عن الاستغلال الثقافي والتاريخي في اعتمادات المركز السينمائي المغربي. بل إننا نجد نقاشا يعبر عن عمق الأزمة، حول إمكانية تعيين شخصية مقربة من الوزير بنسعيد على رأس المركز السينمائي المغربي، التي من المفترض أن تكون شخصية مثقفة ملمة بتفاصيل مكونات الشخصية المغربية والتاريخ تشكل الدولة وعلاقاتها الداخلية والخارجية، وليس فقط البحث عن شخصية تسير ببعد ريعي، وبهدف الاستفادة و المنفعة الشخصية.

عندما تنصت إلى كل هذه الإشكالات، فإنه لا يمكننا أن نتفاءل كثيرا، ونحن مقبلون على تقديم المغرب للعالم في أفق تنظيم كأس العالم لسنة 2030، لأن السؤال المحير الذي لم يجب عنه الوزير بنسعيد عمليا طيلة أربع سنوات من تدبيره لهذا القطاع، هو ماذا أسس لهذا المستقبل القريب، وهو الذي لم يكلف نفسه عناء التحدث إلى المغاربة عن مآل مشروع وادي المخازن الذي تحدثنا عنه أعلاه؟

loader-image
الرباط
الطقس في الرباط
8:58 ص, مايو 16, 2025
temperature icon 16°C
غيوم قاتمة
57 %
1017 mb
10 Km/h
Wind Gust 13 Km/h
Clouds 100%
Visibility 10 km
Sunrise 6:25 am
Sunset 8:22 pm