الرئيسية | وطنية

بين منير ومعاذ وغياب الحكمة.. من يقود الزاوية البودشيشية بعد الشيخ جمال؟

نشر في 6 أبريل 2025 - 15:51

الرباط اليوم

تمر الزاوية القادرية البودشيشية، إحدى أبرز الزوايا الصوفية بالمغرب والعالم الإسلامي، بمرحلة دقيقة وحساسة، بعد أن خرج إلى العلن صراع داخلي ظل لسنوات طي الكتمان، ويتعلق بخلافة منصب “الشيخ المربي” الذي ظل يُدار بشكل هادئ منذ وفاة الشيخ حمزة القادري البودشيشي، واضطلاع ابنه الشيخ جمال بالمشيخة.

الخلاف الذي انفجر في الآونة الأخيرة، تزامن مع الوضع الصحي الحرج للشيخ جمال القادري، الذي يرقد حاليًا في المستشفى الدولي بمدينة وجدة، حيث حظي بعناية ملكية تمثلت في إرسال طاقم طبي خاص لمتابعة حالته، وهو ما يعكس حجم الاحترام الذي تحظى به الزاوية لدى أعلى سلطة في البلاد.

في قلب هذا الصراع، تبرز شخصيتان تنتميان لنفس السلالة الروحية، منير القادري البودشيشي، الابن الأكبر للشيخ جمال، ومعاذ القادري البودشيشي، أحد أحفاد الشيخ حمزة، وقائد الفرقة الصوفية البودشيشية المعروفة بنشاطها العلمي.

أنصار منير، يستندون إلى ما يُروى عن وصية صريحة من جده الراحل الشيخ حمزة، الذي قيل إنه أوصى بأن تؤول المشيخة من بعده إلى ابنه جمال، ثم من بعده إلى حفيده منير، وهو ما جعل الأخير يُنظر إليه، لسنوات، باعتباره الخليفة الطبيعي والشرعي ضمن هذا السياق العائلي والروحي.

غير أن صعود نجم معاذ القادري البودشيشي، خاصة في الأوساط الشبابية والدولية، خلق دينامية جديدة داخل الزاوية، وبدأت تظهر أصوات تعتبر أنه الأجدر بقيادة المسار الروحي والتربوي للزاوية بعد الشيخ جمال. وقد تعزز هذا الحضور بعد أن أصبح والده يُكلفه بشكل متزايد بالإشراف على شؤون الزاوية، والتنسيق بين فروعها داخل المغرب وخارجه، إلى جانب تحمله لمسؤولية تدبير الجوانب المادية والتنظيمية للزاوية، وهو ما منحه دورًا عمليًا مؤثرًا في الهيكل الداخلي، وأعطى لانخراطه في التسيير بعدًا أقرب إلى القيادة الفعلية. هذا التوسع في أدواره ساهم في تعزيز موقعه.

مصدر موثوق صرّح لجريدة “الرباط اليوم” أن ملامح هذا الصراع برزت بوضوح خلال ليلة القدر الأخيرة، حيث خاطب منير القادري المريدين داخل الزاوية، مشددًا على وحدة الصف، وقال: “الشيخ جمال يوصيكم أن نكون متحدين حول هذه الطريقة، وأن منزله هو الوحيد الذي يقود الطريقة، وأن نجتمع جميعًا على حمايتها من كل المشوشين”، وهي رسالة اعتُبرت في نظر كثيرين بمثابة تأكيد رسمي على وجود محاولات للتشويش على مسار الزاوية، وربما إشارة ضمنية إلى وجود خلاف داخلي حول مسألة الخلافة.

وفي المقابل، لاحظ عدد من الحاضرين أن معاذ القادري لم يحضر تلك الليلة مع المريدين، واكتفى بالبقاء في الطابق الأول من الزاوية، كما غاب أيضًا عن صلاة عيد الفطر، التي أقامها لاحقًا في قصره بمدينة وجدة، في خطوة قرأها البعض كعلامة على تباعد المسارات وتباين المواقف داخل البيت البودشيشي.

وفي ظل هذا الوضع الحساس، يُنتظر أن تتدخل أصوات الحكمة داخل العائلة البودشيشية لتهدئة الأجواء، وتغليب المصلحة العليا للطريقة، عوض الانجرار إلى منطق الصراع.  فمن المطلوب من الإخوة الآخرين، أبناء الشيخ جمال، أن يُقربوا وجهات النظر بين منير ومعاذ، بدل الانحياز لطرف دون آخر، حفاظًا على وحدة العائلة والطريقة.

كما يُعوَّل كثيرًا على زوجة الشيخ جمال، المعروفة بحكمتها ورزانتها ومكانتها الطيبة بين مريدي الزاوية، أن تلعب دورًا توافقيًا في هذه المرحلة الحرجة، لما لها من احترام وتأثير على أبناءها والمحيط الروحي.

وفي انتظار تحسن الوضع الصحي للشيخ جمال، يبقى الأمل معقودًا عليه في أن يتحلى بالحكمة والصراحة المعتادة فيه، وأن يُحدد بنفسه مسار الخلافة بشكل واضح، من خلال تثبيت التسلسل الروحي الذي أوصى به والده الشيخ حمزة، أي أن يُوصي بمنير شيخًا مربيًا من بعده، ثم معاذ من بعده، بما يضمن انتقالًا سلسًا ويحفظ وحدة الزاوية من الانقسام.

إن مستقبل الطريقة القادرية البودشيشية لا يتوقف فقط على من يقودها، بل على مدى قدرتها على الحفاظ على روحها الجامعة، ونقل إرثها الروحي وسر شيخها لأجيال جديدة، بعيدًا عن منطق المنافسة والانقسام. وفي النهاية، لا صوت يجب أن يعلو على صوت الحكمة، ولا سبيل للاستمرار إلا بالوفاء لروح الطريقة لا بالأسماء.

loader-image
الرباط
الطقس في الرباط
3:05 ص, أبريل 21, 2025
temperature icon 12°C
غيوم متفرقة
100 %
1020 mb
0 Km/h
Wind Gust 0 Km/h
Clouds 40%
Visibility 6 km
Sunrise 6:48 am
Sunset 8:02 pm