حسني الغزاوي يقود تغييرات جذرية في “العمران” بعد كشف تلاعبات عقارية

الرباط اليوم
شهدت محاكمة تسعة مديرين سابقين في مجموعة “العمران”، إلى جانب مسؤولين وأطر آخرين، تطورات جديدة، حيث كشفت جلسة يوم الاثنين أمام غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف في الرباط، أن المتابعين استفادوا من بقع مخصصة للفيلات بثمن رمزي لا يتجاوز 193 درهما للمتر المربع، وذلك في عهد مدير سابق للمجموعة، وليس المدير الحالي.
وأظهرت التحقيقات أن غالبية هؤلاء المسؤولين والأطر كانوا قد حصلوا على التقاعد، بينما نصبت مجموعة “العمران” نفسها طرفا مدنيا في القضية، بالتزامن مع إحالة المتهمين على القضاء، وذلك بعدما كشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات عن خروقات خطيرة، من أبرزها التلاعب في المساحات والأسعار المعتمدة.
تلاعبات في مشاريع عقارية
خلال جلسة المحاكمة، حضر دفاع المؤسسة لمتابعة مجريات القضية، في وقت يسعى فيه المدير العام الجديد، حسني الغزاوي، إلى فرض مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتنفيذ توجيهات النيابة العامة لملاحقة المتورطين، ضمن إصلاحات جوهرية تهدف إلى محاربة الفساد داخل المؤسسة.
وكشفت التحقيقات أن المساحة الإجمالية للبقع التي استفاد منها 15 إطارًا بالشركة بلغت 8097 مترًا مربعًا بشاطئ سيدي العابد بالهرهورة، وقد تم تفويتها بثمن 193 درهما للمتر المربع، فيما دفعت الودادية السكنية التي أسسها المستفيدون مبلغ 313 مليون سنتيم لمجموعة “العمران”. كما أماط تقرير المجلس الأعلى للحسابات اللثام عن تلاعبات أخرى في مشروع “الياقوت” بسلا، حيث تم تفويت محلات تجارية بأسعار غير مطابقة للثمن الحقيقي المحدد.
إصلاحات واسعة في “العمران” لمحاربة الفساد
منذ تعيينه على رأس مجموعة “العمران”، عمل حسني الغزاوي على إحداث تغييرات جوهرية داخل المؤسسة، تهدف إلى تعزيز الشفافية والصرامة في تدبير المشاريع العقارية. وشملت هذه التغييرات إصلاح آليات التفويت والمراقبة المالية، وإعادة هيكلة بعض الأقسام الداخلية لمنع أي استغلال لموارد الشركة.
أحد أكبر الاختلالات التي تم رصدها هو تفويت محلات تجارية دون أداء كافة المستحقات، حيث تبين أن مرأبًا في مشروع سلا، بمساحة 35 مترًا مربعًا، تم بيعه بسعر 2738 درهما للمتر المربع، بينما يقدر سعره الحقيقي بـ 6000 درهم. كما وقعت اختلالات مشابهة في مشروع مركز “الزفاطي” بالرباط، الذي كلف إنجازه 250 مليون سنتيم، لكنه تم تفويته للمستفيدين رغم بقاء 165 مليون سنتيم غير مؤداة.
وأظهرت الأبحاث أن المستفيدين أسسوا ودادية سكنية ضمت أطرًا من المؤسسة الجهوية، وحصلت على الترخيص النهائي قبل تقديم طلبات الاستفادة من البقع العقارية. إلا أن التحقيقات كشفت أن بعض المستفيدين كانوا أعضاء في لجنة التفويت داخل “العمران”، ما يجعلهم في وضعية “الخصم والحكم” في آن واحد، وهو ما دفع السلطات إلى متابعة رئيس المؤسسة الجهوية السابق، الذي اعتبر المتهم الرئيسي في القضية.
في ظل هذه الاختلالات، يسابق المدير العام الجديد الزمن لإصلاح ما أفسدته الإدارة السابقة، عبر فرض رقابة صارمة على عمليات البيع والتفويت، واعتماد معايير جديدة تضمن الشفافية في تدبير المشاريع العقارية. كما يسعى إلى تعزيز آليات المحاسبة، وتحسين حكامة المؤسسة لضمان عدم تكرار مثل هذه الفضائح.
ومع استمرار المحاكمة، يترقب الرأي العام ما ستسفر عنه التحقيقات، وما إذا كانت ستكشف أسماء جديدة متورطة في هذه الفضيحة العقارية، خاصة في ظل توجه “العمران” نحو عهد جديد من الصرامة والشفافية تحت قيادة الغزاوي.