فاتح ماي بالرباط.. عيد الشغل بطعم الغياب الجماعي

الرباط اليوم
مرّ عيد الشغل لهذه السنة في العاصمة الرباط في أجواء باهتة، طغى عليها الإحساس بالفراغ، بعدما بدت المنصات النقابية كأنها تقيم مراسم تأبين صامتة للعمل النقابي أكثر من كونها تحتفل بيوم العمال.
عدد المشاركين في التظاهرات كان محدودًا بشكل لافت، إلى درجة فاقت فيها الترتيبات الأمنية أعداد الحاضرين، بينما غاب الزخم الشعبي المعتاد، في مشهد اختزل أزمة الثقة التي باتت تخنق النقابات، مثلما خنقت من قبل الأحزاب السياسية.
لم تحمل الحكومة أي جديد على طاولة الحوار الاجتماعي، في ظل استمرار تجميد ملف التقاعد وارتفاع تكاليف المعيشة، وسط توقعات بزيادة مرتقبة في أسعار قنينات الغاز لتصل إلى 60 درهمًا. وهي مؤشرات زادت من تآكل ثقة الشغيلة في جدوى الاحتفال، وفي جدية من يمثلونها.
الشعارات التي رفعت لم تخرج عن المألوف، ووجوه الزعامات النقابية التي احتكرت المشهد لعقود عادت لتحتل المنصات، دون أن تنجح في استقطاب الحشود. بل إن بعض المركزيات النقابية بالكاد جمعت العشرات، فيما اضطرت إحداها لمخاطبة كراسٍ شبه فارغة، رغم استفادتها من الدعم العمومي.
الرباط بدت هادئة كأي يوم عادي، لولا أصوات مكبرات الصوت القادمة من بعض المنصات، حيث حاول المنظمون تحفيز الحاضرين عبر دعوات متكررة للاقتراب من المنصة لسد الفراغ البشري.
في المقابل، يلاحظ تصاعد دور التنسيقيات القطاعية التي باتت، شيئًا فشيئًا، تملأ الفراغ الذي خلفه تراجع العمل النقابي التقليدي.
فاتح ماي لهذا العام لم يحمل طابع الاحتفال، بل كان يوم عطلة عابرة غاب عنه العمال، وحضره رجال الأمن والنقابيون الذين واصلوا رفع نفس الشعارات، بلسانٍ ينتقد الغلاء وفساد السياسات، وقلبٍ يراهن على موقع في دفاتر الحكومة.