في ضيافة المحجوب بنسعلي.. العثماني يكشف سرّ التحول الأممي لصالح الحكم الذاتي
الرباط اليوم
في أول خروج إعلامي لافت بعد القرار الأخير لمجلس الأمن بشأن الصحراء المغربية، قدّم سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة الأسبق، قراءة عميقة للمستجدات، مؤكداً أن القرار الأممي الجديد “تاريخي بكل المقاييس” ويعكس منعطفاً حقيقياً في مسار النزاع المفتعل.
وجاء هذا التصريح خلال استضافته من طرف الإعلامي المحجوب بنسعلي، صاحب البرنامج المعروف سابقاً “فين غادي بيا”، في بودكاست “القلب المغربي” الذي أطلقه مؤخراً، والذي يشهد نسب متابعة متزايدة بالنظر إلى أسلوبه الحواري الهادئ وموضوعاته الوطنية.
العثماني استغل هذا الظهور الإعلامي الجديد ليقدّم تحليلاً معمقاً للتطورات، معتبراً أن المجلس الأممي لم يعد يتناول الحكم الذاتي كمجرد مقترح، بل كـ إطار وحيد ومرجعي لتسوية النزاع، وهو ما وصفه بأنه تتويج لسنوات من العمل الدبلوماسي المغربي الهادئ والفعال.
الحكم الذاتي… هو تقرير المصير ذاته
أبرز العثماني في حديثه أن الحكم الذاتي هو التعبير الأسمى عن تقرير المصير وفق الفهم الحديث الذي تتبناه الأمم المتحدة، مضيفاً أن هذا المفهوم لم يعد مرتبطاً حصراً بالاستفتاء التقليدي، بل يشمل حلولاً سياسية واقعية تحافظ على وحدة الدول.
وقال العثماني:“الحكم الذاتي كما يقترحه المغرب هو ممارسة كاملة لتقرير المصير، لأنه يمنح للسكان صلاحيات واسعة لتدبير شؤونهم داخل السيادة الوطنية.”
وأضاف أن الاستفتاء ليس غائباً عن روح الحكم الذاتي، بل جزء من فلسفته، لأن النموذج المغربي يقوم على إشراك الساكنة في صياغة مستقبلهم ضمن إطار وطني موحّد.
ديبلوماسية مغربية تطورت بشكل لافت
وتوقف العثماني عند الدور الحاسم للديبلوماسية المغربية في الوصول إلى هذه المرحلة، مؤكداً أن التحول لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة عمل مؤسساتي متكامل انخرطت فيه الحكومة ووزارة الخارجية والبرلمان ومختلف المؤسسات الوطنية.
وأوضح أن المغرب تبنى خلال السنوات الأخيرة نهجاً ذكياً وتدرّجياً أقنع المنتظم الدولي بواقعية المقترح المغربي مقارنة ببقية الأطروحات، خصوصاً في ظل فشل الخيارات الانفصالية في تقديم أي نموذج مقنع أو قابل للتطبيق.

لماذا ترفض الجزائر إحصاء سكان مخيمات تندوف؟
وخلال الحوار، توقف العثماني عند إحدى أبرز النقاط العالقة في مسار الملف، وهي رفض الجزائر السماح بإحصاء سكان مخيمات تندوف رغم مطالب الأمم المتحدة المتكررة.
وأشار إلى أن السبب يعود بالأساس إلى أن أي إحصاء شفاف سيكشف العدد الحقيقي للسكان، وسيُظهر أن كثيرين منهم ليسوا من أصول صحراوية، بل محتجزون أو مجنّسون قسراً من دول الساحل.
كما سيضع الجزائر أمام مسؤولياتها القانونية كبلد مضيف، ويُضعف الخطاب الانفصالي الذي بُني على أرقام مضخمة ومعلومات غير دقيقة.
لحظة مفصلية في مسار النزاع
وختم العثماني حديثه بالتأكيد على أن المغرب يعيش اليوم لحظة سياسية ودبلوماسية مفصلية، بعد أن أصبح القرار الأممي الأخير يضع الحكم الذاتي في صلب العملية السياسية، ما يفتح الباب أمام تسريع الحل النهائي للنزاع.
وشدد على أن المرحلة المقبلة تتطلب تقوية الجبهة الداخلية، وتسريع تنزيل الجهوية المتقدمة، وتعزيز التنمية في الأقاليم الجنوبية، حتى يكون المغرب جاهزاً لـ مرحلة ما بعد التسوية بنفس وطني موحد.