مغرب 2030 والإعلام: هل نحن على أعتاب تغيير جذري في المشهد الإعلامي الوطني؟
الرباط اليوم
في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه قطاع الإعلام في المغرب، تبرز تساؤلات حول مدى استعداد الدولة لإعادة النظر في المنظومة الإعلامية، خصوصًا في ظل الحديث عن إمكانية إجراء تغييرات جوهرية في الإعلام العمومي والخصوصي.
وفقًا لمصادر جد مقربة من دوائر القرار، هناك تفكير جاد في إعادة صياغة المشهد الإعلامي الوطني، مع التركيز بشكل خاص على الإعلام العمومي. هذه المصادر تشير إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار سعي الدولة لمواكبة التحولات السريعة التي يشهدها القطاع الإعلامي على الصعيدين المحلي والدولي.
الحديث عن إعادة النظر في الإعلام العمومي يثير العديد من التساؤلات حول طبيعة هذه التغييرات المرتقبة، وما إذا كانت ستشمل الجوانب التنظيمية فقط أم أنها ستطال أيضًا المحتوى الإعلامي وكيفية تقديمه. يعتبر الإعلام العمومي أحد الركائز الأساسية في المشهد الإعلامي المغربي، ومن ثم فإن أي تغيير في هذه المنظومة قد يكون له تأثير واسع على الرأي العام ومستقبل الإعلام في البلاد.
علاوة على ذلك، فإن مغرب 2030 يجب أن يكون مدعومًا بإعلام قوي، سواء على الصعيد المحلي أو الدولي، خصوصًا مع اقتراب المغرب من تحديات كبرى من بينها تنظيم كأس العالم 2030. فمثل هذا الحدث العالمي يتطلب وجود منظومة إعلامية قادرة على مواكبة التطلعات الوطنية والترويج لصورة المغرب كمركز حضاري ورياضي على الساحة الدولية.
من المتوقع أن يشمل هذا التغيير أيضًا هامشًا أوسع من الحرية، خصوصًا في مجال التعبير، مما يعكس التوجه نحو تعزيز الانفتاح الإعلامي. يرتبط هذا التوجه بالعفو الملكي الأخير الذي شمل غالبية الصحافيين المعتقلين بمناسبة ذكرى عيد العرش، وهي خطوة تعكس إرادة ملكية في تعزيز مناخ الحريات الإعلامية وتوفير بيئة مناسبة للنقاش العام المسؤول.
التغييرات المرتقبة يُنتظر أن تشمل أيضًا التصدي للصحافة الصفراء، التي عرفت في السنوات الأخيرة انتشارًا واسعًا، خصوصًا مع بروز مواقع إلكترونية أصبحت تتمتع بنفوذ كبير. هذا النوع من الصحافة، الذي يعتمد غالبًا على الإثارة والتضليل، يشكل تحديًا حقيقيًا أمام جهود الحكومة في بناء إعلام مسؤول ومتوازن يخدم الصالح العام ويعزز من مكانة المغرب دوليًا.
ومن بين المشاكل التي عرفتها الساحة السياسية في السنوات الأخيرة هو غياب إعلام جاد وحقيقي يتمتع برأي مستقل ويساهم في التأثير برأي المخالف الجاد. هذا النقص في الإعلام القوي والمستقل أدى إلى ضعف النقاش العام وتراجع تأثير وسائل الإعلام في توجيه الرأي العام وتشكيله بشكل يعكس التنوع والاختلاف الضروريين في أي مجتمع ديمقراطي.
وفي النهاية، يجب أن يشمل هذا التغيير أيضًا بعض المسؤولين الذين يتربعون على هرم الإعلام العمومي، والذين أصبحوا يسيئون لمهنة المتاعب دون تقديم أي إضافة حقيقية للمشهد الإعلامي المغربي، خصوصًا الإعلام العمومي. فقد فشلت هذه القنوات في تقديم أخبار متطورة، أو برامج هادفة، أو حوارات جادة، أو تقارير مسؤولة. كيف لمثل هذه القنوات أن تواكب مغرب 2030، الذي يستعد لتنظيم كأس العالم مع إسبانيا والبرتغال، وهما دولتان قطعتا أشواطًا كبيرة في تطوير إعلامهما حتى أصبحا نموذجًا عالميًا يحتذى به؟
وفي الوقت الذي لم تُعلن فيه أي تفاصيل رسمية حتى الآن، تبقى الأوساط الإعلامية والمتابعون في ترقب لما ستؤول إليه هذه المشاورات والتفكير الدائر حولها. فهل سيكون المغرب على أعتاب مرحلة جديدة في إعلامه تواكب متطلبات العصر وتعزز من دور الإعلام في دعم الديمقراطية والتنمية؟