من الجزائر إلى المغرب: مسار الغاز عبر إسبانيا في ظل التحولات الجيوسياسية
الرباط اليوم
أظهرت إحصائيات قطاع الطاقة الإسبانية، المتعلقة بصادرات الغاز الطبيعي، تزايداً مستمراً في كميات الغاز الموجهة إلى المملكة المغربية، مع تسجيل ارتفاع ملحوظ خلال عام 2024، بالتوازي مع زيادة واردات إسبانيا من الغاز الجزائري.
ووفقاً لما نشرته صحيفة “Vozpopuli” الإسبانية، فقد شهدت صادرات الغاز الإسباني إلى المغرب في يونيو الماضي ارتفاعاً بنسبة 18.5% مقارنة بنفس الشهر من العام السابق 2023، حيث كانت النسبة المسجلة آنذاك 7.7%.
وتشير نفس المصادر الإعلامية إلى أن صادرات الغاز من إسبانيا إلى المغرب قد سجلت نمواً مطرداً منذ عام 2022، حيث لم تكن تمثل صادرات الغاز إلى المغرب في يونيو 2022 سوى 0.1% من إجمالي صادرات الغاز الإسباني. إلا أن هذا الرقم شهد قفزة كبيرة في يونيو من العام الحالي، ليصل إلى 18.5%.
وتزامن هذا الارتفاع مع زيادة واردات إسبانيا من الغاز الجزائري. فقد أفادت صحيفة “إيكونوميستا” الإسبانية في تقرير لها نشر في أغسطس الماضي، أن الجزائر تصدرت قائمة الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال إلى إسبانيا، متفوقة على الولايات المتحدة وروسيا.
وتجدر الإشارة إلى أن الجزائر، خلال الأزمة التي شهدتها علاقاتها مع إسبانيا بعد إعلان مدريد دعمها لمقترح الحكم الذاتي لحل نزاع الصحراء تحت السيادة المغربية، هددت بإيقاف إمدادات الغاز، خصوصاً في حال إعادة تصديره إلى المغرب. ومع ذلك، كشف تقرير “إيكونوميستا” أن واردات إسبانيا من الغاز الجزائري في يوليو الماضي بلغت 30.8% من إجمالي وارداتها من الغاز، مما جعل الجزائر تتصدر قائمة موردي الغاز لإسبانيا.
كما أوضحت الصحيفة، نقلاً عن شركة “Enagas” المسؤولة عن استيراد الغاز الجزائري، أن الصادرات الجزائرية إلى إسبانيا خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري ارتفعت بأكثر من 26% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وقد أدى هذا الارتفاع إلى تقليص اعتماد إسبانيا على موردين آخرين، مثل روسيا التي تراجعت نسبة اعتماد إسبانيا على غازها بنسبة 6.7%، والولايات المتحدة التي شهدت صادراتها من الغاز إلى إسبانيا انخفاضاً بنسبة 16.9%.
وتعكس هذه الزيادة في الصادرات الجزائرية للغاز إلى إسبانيا رغبة الجزائر في إعادة الاستقرار للعلاقات الثنائية مع مدريد، على الرغم من أن الأخيرة لم تتراجع عن موقفها الداعم للمغرب في قضية الصحراء، وهو الموقف الذي كان سبباً في توتر العلاقات بين الجزائر وإسبانيا بين مارس 2022 وأواخر 2023، ويمتد تأثيره حتى على الأزمة الحالية بين الجزائر وفرنسا.