بين الرياضة والسياسة.. هل يقود حفيد “لهبليين” لقجع حكومة 2026؟

الرباط اليوم
يُعتبر فوزي لقجع من أبرز الشخصيات المغربية في العقد الأخير. فقد صنع لنفسه اسماً على مستوى التسيير الرياضي من خلال رئاسته للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ونجاحه في تنظيم وتأمين إنجازات كروية بارزة للمنتخب والأندية الوطنية. هذا البعد الرياضي منحه شعبية استثنائية، قلما يحظى بها مسؤول إداري في المغرب.
بالموازاة، شق لقجع مساراً سياسياً وإدارياً واضحاً، حيث يتقلد منصب وزير منتدب مكلف بالميزانية في حكومة عزيز أخنوش، ويُعتبر أحد الأسماء الأكثر تأثيراً داخل دوائر القرار المالي والاقتصادي.
الانتخابات التشريعية المقبلة في المغرب، والمقرر تنظيمها في شتنبر 2026، تفتح باب التكهنات حول الأسماء التي قد تتصدر المشهد لتشكيل الحكومة المقبلة. ورغم أن فوزي لقجع يحظى بحضور قوي في الحكومة الحالية، إلا أن تسميته رئيساً للحكومة ليست مسألة تقنية أو مرتبطة بشعبيته الرياضية، بل تخضع إلى معادلات حزبية وانتخابية، حيث الدستور المغربي ينص على أن الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب الذي يتصدر نتائج الانتخابات التشريعية.
ولحد الساعة، لم يسبق أن ترشح لقجع للانتخابات باسم حزب سياسي، وهو ما يجعل فرضية رئاسته للحكومة سنة 2026 غير مطروحة رسمياً، ما لم يدخل غمار الانتخابات عبر حزب معين.
في السياق نفسه، يُعتبر فوزي لقجع، ابن بركان وحفيد لهبليين، أحد أبرز الأسماء التي ارتبطت بملف كأس العالم. فقد وضع الملك ثقته فيه بتكليفه بمهام محورية على رأس مؤسسة “مغرب 2030”، الهيئة المكلفة بتنظيم المغرب لكأس العالم رفقة إسبانيا والبرتغال.
هذا الاختيار يبرز بوضوح أن تدبير هذا الحدث الكوني لن يكون شأناً تقنياً فحسب، بل سيُسند إلى شخصية ذات جذور اجتماعية عريقة ونفوذ وطني واسع، ما يعكس التقاء الشرعية الشعبية والرياضية مع الشرعية المؤسساتية.
هذا المستجد قد يُعيد رسم ملامح مراكز النفوذ داخل الدولة، ويطرح تساؤلات حول موقع لقجع مستقبلاً، وهل سيبقى في الواجهة بنفس القوة أم سيشارك في صناعة القرار من موقع مكمّل.
لا يمكن إنكار أن لقجع أصبح رمزاً لـ”القوة الناعمة” للمغرب، خصوصاً بعد نجاحه في تعزيز صورة المملكة قارياً ودولياً من خلال ملف كأس العالم 2030. ومع ذلك، السياسة الحزبية والانتخابات تخضع لموازين قوة أخرى: التحالفات، البرامج الاقتصادية والاجتماعية، وشبكة العلاقات داخل الأحزاب.
وحتى في حالة دخوله الساحة السياسية بشكل مباشر، سيكون لقجع أمام تحديات تتجاوز عالم الرياضة: ملفات مثل التعليم، الصحة، التشغيل، وهي القضايا التي تقرر مصير الحكومات في المغرب أكثر من أي إنجاز رياضي.
إلى حدود اللحظة، لا توجد مؤشرات جدية على أن فوزي لقجع سيكون مرشحاً لرئاسة الحكومة سنة 2026. لكنه يظل شخصية وازنة، تجمع بين الكفاءة التقنية والقبول الشعبي، ما قد يجعله رقماً صعباً في أي حكومة مقبلة، سواء من خلال الاستمرار كوزير أو عبر موقع مؤثر آخر.
ويبقى السؤال مفتوحاً: هل سيظل فوزي لقجع رجل ظل و”مهندس الميزانية والرياضة”، أم أنه سيختار في السنوات المقبلة خوض مغامرة سياسية قد توصله إلى أعلى منصب تنفيذي في البلاد، خاصة في ظل ما يراكمه من ثقة ملكية وشعبية واسعة؟
ويُذكر أن فوزي لقجع حفيد لهبليين، العائلة الكبيرة التي تنحدر من قبائل ابني زناسن بإقليم بركان، والتي أنجبت شخصيات بارزة في تاريخ المغرب، من بينها البكاي لهبيل، أول رئيس حكومة بعد الاستقلال وصديق الملك الراحل محمد الخامس. كما أن لقجع هو ابن أخت الوالي الحالي للجهة الشرقية، خطيب لهبيل، ما يعكس امتداد الروابط العائلية والسياسية لهذه الأسرة في مفاصل الدولة المغربية.