الرئيسية | الرباط اليوم

بين القانون والواقع.. هل تُحترم ضوابط السكنى والتعمير في الرباط؟

نشر قبل 6 ساعة

الرباط اليوم

يمنح القانون التنظيمي للجماعات المحلية، ضمن الباب الرابع المتعلق بالاختصاصات المنقولة، صلاحيات واضحة لمجالس الجماعات، من بينها تحديد الرسوم والإتاوات المرتبطة بالبناء والتعمير. وهذا يعني أن المنتخبين لا يتحملون فقط مسؤولية تحصيل هذه الرسوم، بل يتحملون أيضًا مسؤولية قانونية تتعلق بسلامة ومشروعية التراخيص المسلمة للمواطنين.

الحديث عن هذه الصلاحيات ليس عابرًا، بل يتزامن مع رغبة السلطات الوصية في إعادة النظر في اختلالات التعمير، خصوصًا في العاصمة الرباط، التي يفترض أن تكون نموذجًا يُحتذى. والحقيقة أن قطاع التعمير ليس الوحيد الذي يعرف تجاوزات، بل إن أغلب المصالح الجماعية تعاني من سوء التدبير وغياب احترام المساطر، وهو ما يضطر المرتفق في نهاية المطاف إلى اللجوء إلى القضاء لتصحيح أخطاء لم يرتكبها، سواء تعلق الأمر بالحالة المدنية، أو الأقسام الاجتماعية والاقتصادية، أو حتى المكاتب المختصة بمنح التصاميم، التي يتهافت عليها بعض المنتخبين طمعًا في النفوذ والتوقيعات.

ومع اقتراب نهاية الولاية الانتخابية الحالية، وُضعت ملفات هذه المصالح تحت المجهر لمراجعة مدى احترامها للقوانين. ومن أبرز هذه الملفات، مسألتا التعمير والسكن، إلى جانب الفوضى التي تعرفها بعض الأنشطة الصناعية والمهنية الخطيرة، المنتشرة وسط الأحياء السكنية، رغم ما تسببه من أضرار صحية وبيئية جسيمة، خاصة للأطفال. وقد نبهت جهات عدة إلى هذا الخطر، دون أن تلقى آذانًا صاغية.

ومؤخرًا، جرى إبلاغ أصحاب هذه الورشات بضرورة تسوية أوضاعهم القانونية، أو الانتقال نحو حي صناعي جديد خارج العاصمة تم تخصيصه لهذا النوع من الأنشطة. ورغم وجاهة القرار، إلا أن تنفيذه يواجه صعوبات كبرى، تتعلق بكلفة الترحيل العالية، واحتجاجات المتضررين الذين يعتبرون الإجراء نوعًا من “التهجير القسري”، خصوصًا لأولئك الذين نشؤوا وعاشوا في تلك الأحياء.

وللأسف، تستمر بعض المجالس المنتخبة في إعادة إنتاج نفس المنطق الذي رسّخه المستعمر، حين قسم المدينة إلى أحياء راقية وأخرى “شعبية”، تم تهميشها وحرمانها من الحد الأدنى من مقومات العيش الكريم، من بيئة نظيفة وسكن لائق وخدمات عمومية. غير أن المشروع الملكي الذي يُنفذ اليوم يسعى إلى تصحيح هذا الخلل التاريخي، من خلال تعميم المشاريع الكبرى والحديثة على جميع الأحياء، دون تمييز.

الرباط ليست مجرد تجمع سكني من الأزقة والدروب، بل هي عنوان الطموح والكرامة، ومرآة تنعكس فيها صورة المغرب أمام الزوار والمقيمين على حد سواء. ولا يمكن أن تُحقق نهضتها المنشودة دون الالتزام الصارم بالقانون، وتخليق المرفق الجماعي، وتحمل المنتخبين لمسؤولياتهم كما يجب، بعيدًا عن الزبونية واللامبالاة.

blank
blank