الرئيسية | الرئيسية

عضوة القيادة الجماعية.. رهان “الجرار” على المرأة الريفية في استحقاقات الحسيمة

نشر قبل 5 ساعة

الرباط اليوم

تعيش مدينة الحسيمة على إيقاع حراك انتخابي مبكر مع اقتراب موعد الاستحقاقات التشريعية لسنة 2026، في مشهد سياسي متجدد تتقاطع فيه الحسابات الحزبية بالتوازنات المحلية الدقيقة. وبين رغبة الأحزاب في تجديد نخبها وتردد الناخبين الذين فقدوا الثقة في الوعود السياسية، يبدو أن معركة المقاعد الأربعة المخصصة للإقليم ستكون من بين الأكثر إثارة على الصعيد الوطني.

يدخل حزب الأصالة والمعاصرة غمار هذه الانتخابات بخريطة ترشيحات قوية تجمع بين الحضور التنظيمي والرمزية المحلية، في مقدمتها فاطمة السعدي، التي تعد من أبرز الوجوه النسائية في الريف المغربي ومن القيادات التاريخية داخل الحزب. فالسعدي راكمت تجربة تمتد من المجالس المنتخبة إلى مواقع القرار الحزبي الوطني، وتشكل اليوم “رقمًا صعبًا” في المعادلة السياسية الحسيمية. فقد كانت أول امرأة ريفية تترأس مجلسًا بلديًا سنة 2009، قبل أن تنتقل إلى البرلمان وتؤكد مكانتها كصوت نسائي وطني مؤثر. ويُنظر إليها داخل الحزب كرمز للتجديد ووجه قادر على إعادة الثقة في الفعل السياسي المحلي. إلى جانبها، يُنتظر أن يحافظ الحزب على محمد الحموتي ضمن اللائحة الانتخابية، فيما تبقى عودة محمد بودرة إلى الواجهة مطمحًا لعدد من المتتبعين بالنظر إلى رصيده السياسي الكبير ومكانته الرمزية في الإقليم.

أما حزب التجمع الوطني للأحرار، فلم يحسم بعد في اسم وكيل لائحته التشريعية، غير أن النقاش الداخلي ينحصر بين خيارين رئيسيين: الأول هو بوطاهر البوطاهيري، البرلماني الحالي وصاحب النفوذ الاقتصادي الواسع بالمنطقة، والثاني نجله كريم البوطاهيري، الذي يحظى بتعاطف فئات واسعة من الشباب بفضل حضوره الميداني وتواصله الدائم مع الساكنة. ويراهن الحزب على معادلة “الاستمرارية والتجديد” من خلال دمج الوجوه الشابة ضمن لائحة الأحرار للحفاظ على رصيده المحلي وإعادة إحياء علاقته بالناخبين.

في المقابل، يتجه حزب الاستقلال نحو تجديد الثقة في القيادي نور الدين مضيان، أحد أقدم البرلمانيين عن الحسيمة وأكثرهم حضورًا في الحياة السياسية الوطنية، بالنظر إلى رصيده الكبير من التجربة والمصداقية. بينما أعادت الحركة الشعبية الثقة في الوزير الأسبق محمد الأعرج لقيادة لائحتها البرلمانية، لما يمتلكه من خبرة واسعة وشعبية قوية في مناطق الغرب من الإقليم، بعد أن استبعد الحزب خيار نبيل اليزيدي الذي كان مطروحًا في مرحلة سابقة.

من جهته، يستعد عبد الحق أمغار لخوض غمار الانتخابات المقبلة تحت راية الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بعد أن رسخ مكانته خلال الانتخابات الجزئية لسنة 2022 كفاعل سياسي وازن، يسعى لتجديد مقعده وسط منافسة قوية من باقي الأحزاب الكبرى. كما يسعى حزب التقدم والاشتراكية إلى تعزيز حضوره البرلماني عبر استقطاب طاقات جديدة رغم محدودية نفوذه في الإقليم، في حين يُتوقع أن يقدم الاتحاد الدستوري رئيس جماعة ترجيست عصام الخمليشي كوكيل للائحته، وهو اسم يملك رصيدًا ميدانيًا وعلاقات محلية واسعة من شأنها أن تضيف بعدًا جديدًا للمنافسة.

وتبرز في خضم هذا الحراك السياسي فاطمة السعدي كرمز نسائي ريفي وطني استطاع أن يجمع بين التجربة المحلية والرؤية الإصلاحية. فمنذ دخولها غمار الانتخابات سنة 2009، بصمت مسارًا حافلًا بالنجاحات، لتصبح من الوجوه النسائية الريفية التي أعادت تعريف مفهوم المشاركة السياسية في المنطقة. ويجمع المتتبعون على أنها تمتلك من الكاريزما والمصداقية ما يؤهلها لتكون في صدارة المشهد الانتخابي بالحسيمة، خاصة في ظل الحاجة إلى وجوه جديدة قادرة على تجديد الثقة بين المواطن والمؤسسات.

تُخاض انتخابات الحسيمة في سياق وطني يرفع شعار استعادة الثقة بين المواطن والعمل الحزبي، بعد سنوات من العزوف السياسي وتراجع المشاركة الانتخابية. ومع تزايد الوعي لدى الناخبين المحليين بضرورة التغيير، تتجه الأنظار نحو نخبة سياسية جديدة قادرة على تحويل التطلعات إلى سياسات واقعية تعالج التحديات التنموية والاجتماعية التي ما زالت قائمة في الإقليم. وبين صراع الأجيال، وحضور الرموز المخضرمة، وصعود أسماء نسائية وشابة، تبدو انتخابات 2026 محطة حاسمة في إعادة رسم المشهد السياسي بالحسيمة وقياس قدرة الفاعلين على تجديد الثقة بين المواطن والسياسة.

blank
blank