رفيق الحاج العباس وسند سيدي حمزة… من هو أحمد الطاهري الذي ظهر بجانب الشيخ معاذ؟

الرباط اليوم
ظهر في ليلة إحياء أربعينية الشيخ سيدي جمال الدين رجل بارز رفقة الشيخ سيدي معاذ، هو السيد أحمد الطاهري، أحد كبار أعمدة الطريقة القادرية البودشيشية وأبرز الشخصيات التي رافقت شيوخها عبر عقود. لم يكن حضوره حدثاً عادياً، بل شكل لحظة رمزية تعكس مكانته ودوره التاريخي في دعم الزاوية وصيانة سرّها.
يُعدّ سيدي أحمد الطاهري واحداً من أبرز رجالات الطريقة القادرية البودشيشية في المغرب، وأحد الشخصيات التي لعبت أدواراً محورية في مسارها الروحي والتنظيمي منذ عهد الشيخ الراحل سيدي الحاج العباس، مروراً بمرحلة نجله ووريث سره سيدي حمزة، وصولاً إلى المرحلة الراهنة بقيادة الشيخ سيدي معاذ. فقد جمع الرجل بين الحسّ الصوفي العميق والخبرة السياسية والنقابية التي اكتسبها في شبابه، ما أهّله ليكون مستشاراً وصوتاً وازناً في محطات دقيقة من تاريخ الزاوية.
“صورة لاجتماع كان يترأسه سيدي معاذ منذ زمان مع المقدمين في إقامة سيدي حمزة بالنعيمة”
كان سيدي أحمد الطاهري مكلّفاً من طرف الشيخ الراحل سيدي الحاج العباس بمتابعة شؤون الفقراء في مختلف زوايا المغرب، وحلّ ما يطرأ من خلافات أو قضايا تنظيمية، فكان بمثابة صلة وصل بين الشيخ ومريديه. وعند زيارات الحاج العباس إلى الدار البيضاء، كان ينزل في بيت سيدي أحمد، بل وأحيا عنده ثلاث ليالٍ عامرة بالذكر بمناسبة ليلة القدر، وهو ما يعكس المكانة المتميزة التي حظي بها لديه.
امتلك سيدي أحمد الطاهري في شبابه مساراً سياسياً ونقابياً منح شخصيته عمقاً في التحليل والقدرة على فهم تعقيدات الواقع الاجتماعي والاقتصادي. هذه الخلفية جعلته أكثر قدرة على مواكبة التحولات التي عاشتها الزاوية في مختلف المراحل، وإمداد شيوخها بنصائح دقيقة حول المستجدات الوطنية والإقليمية.
بعد وفاة الحاج العباس وتجديد البيعة لسيدي حمزة بن العباس، واصل سيدي أحمد الطاهري القيام بنفس الدور، حيث كان أحد أعمدة الحفاظ على إشعاع الطريقة ونشر رسالتها الروحية. وقد خصّه الشيخ حمزة بإقامة خاصة قريبة من مقرّه، وكان يعقد معه جلسات مطوّلة على انفراد، يناقشان خلالها قضايا روحية وسياسية واقتصادية، ما جعل الطاهري بمثابة مستشار موثوق، يجمع بين الحكمة والتحليل العميق للأحداث.
تميّز سيدي أحمد بكونه إنساناً ذاكراً لله، كريماً في عطائه المادي والمعنوي، وظلّ ملازماً للزاوية لفترات طويلة، حيث كان يمكث أشهراً بجوار سيدي حمزة. وقد رافقه في مهامه شخصيات بارزة داخل الطريقة مثل سي الزهاري ومولاي عبد السلام اشماعو، وهو ما يعكس شبكة العلاقات القوية التي نسجها لخدمة الطريقة وأهلها.
ورغم تقدّم سنّه ومعاناته الصحية، لم يتخلّ سيدي أحمد الطاهري عن أداء واجبه في اللحظات المفصلية. فقد حرص على حضور أربعينية الشيخ سيدي جمال الدين، معلناً أمام المريدين أن حضوره جاء “لنصرة الحق”، ومؤكداً أن الشيخ سيدي معاذ هو الحامل الشرعي لسر الطريقة ووريثها الروحي، في موقف اعتبره كثيرون تتويجاً لمسار طويل من الوفاء والولاء.
يختصر مسار سيدي أحمد الطاهري قصة رجل جمع بين الفكر والذكر، بين السياسة والتصوف، واستطاع بحنكته وإخلاصه أن يكون صلة وصل بين أجيال متعاقبة من شيوخ الطريقة. حضوره القوي في تاريخ الزاوية القادرية البودشيشية يظلّ شاهداً على دور الشخصيات المخلصة في حماية الإرث الروحي وضمان استمراريته في وجه التحولات.