جيل Z في مواجهة نزار بركة.. حوار جريء يزعج خصومه

الرباط اليوم
في زمن يسوده الغموض والتردد داخل المشهد الحزبي، اختار نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال ووزير التجهيز والماء، أن يكسر الصورة النمطية للسياسي المتواري خلف الأبواب المغلقة، فحضر شخصيا في برنامج تفاعلي على القناة الثانية جمعه بشباب من جيلَي Z وY، في لحظة سياسية دقيقة تحتاج إلى الصدق أكثر من الشعارات.
مجرد حضور بركة في برنامج تلفزي مباشر لم يكن خطوة عادية، بل يعكس شجاعة سياسية قلّ نظيرها. فالرجل، عوض أن يبعث أحد قياديي حزبه، اختار أن يتواصل بنفسه مع الشباب، بوجه مكشوف وبأسلوب بسيط بعيد عن التصنع، في سلوك يعيد الثقة في لغة السياسة المفقودة لدى جزء كبير من الجيل الجديد.
تقديمه في البرنامج بصفته أمينا عاما لحزب الاستقلال لم يكن صدفة، بل التزاما بالضوابط التنظيمية التي تفرضها الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا)، لضمان التوازن بين تمثيلية الأحزاب داخل الحكومة والمعارضة في البرامج الحوارية.
خلافا لما روّجه البعض، لم يتهرب بركة من مسؤوليته الحكومية، بل قدّم تفسيرات دقيقة حول السياسات العمومية، خاصة في قطاعات كالصحة والتعليم، رغم أنها لا تدخل مباشرة في نطاق وزارته. كان صريحا عندما اعترف بأن الحكومة لم تبلغ هدفها المعلن بخلق مليون منصب شغل جديد، مبرزا أن عوامل مثل الجفاف وتراجع النشاط الفلاحي أثّرت سلبا على سوق العمل.
هذا النوع من الخطاب الواقعي والمسؤول يمثل، في نظر العديد من المتابعين، تحولا نوعيا في التواصل السياسي، حيث لم يكتف الأمين العام بالمدح والتبرير، بل أبدى استعدادا كاملا لتقديم الحساب عن القطاع الذي يشرف عليه، في انسجام مع مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
في خضم الحوار، أعلن نزار بركة أن الحكومة تعتزم إطلاق إجراءات استعجالية في مجالي الصحة والتعليم تجاوبا مع انتظارات الشباب، ما يعكس قناعة الرجل بأن التواصل الحقيقي لا يكون بالخطابات فقط، بل بالقرارات العملية التي تُترجم على أرض الواقع.
كما حرص على التذكير بأن انفتاحه على فئة الشباب ليس خطوة ظرفية، بل نهج متواصل منذ توليه الأمانة العامة للحزب، من خلال إطلاق برامج ومنتديات ومنصات حوار داخل التنظيم الاستقلالي نفسه، لتقريب القيادة من الجيل الجديد.
في المقابل، لم تمر خطوة بركة دون محاولات للتشويش عليها، حيث ركزت بعض المنابر على صفته كأمين عام أكثر من مضمون ما قاله. هذا التحامل، بحسب مقربين من الحزب، يعكس خلفية حسابية باردة تعتبر كل ظهور سياسي ناجح خصما من رصيد خصومهم.
الغريب كما لاحظ عدد من المراقبين، أن نفس الجهات التي تلوم السياسيين على ضعف التواصل، تسارع إلى محاكمتهم حينما يخرجون للإعلام، في مفارقة تُفرغ العمل السياسي من مضمونه، وتحوّل النقاش العمومي إلى ساحة للمزايدات والبحث عن “اللايكات”.
بكل تجرّد، أعاد ظهور نزار بركة في هذا الحوار التلفزي بعض الثقة في الخطاب السياسي الرصين، القائم على الصراحة والمعطيات بدل المزايدات والاتهامات. فالرجل لم يتحدث كشخص يسعى إلى النجومية الإعلامية، بل كقائد حزبي يؤمن بأن السياسة مسؤولية وتواصل قبل أن تكون منافسة على المقاعد.